.
.
.
مدونةٌ تحتَ مُسَمَّى " لمنْ لا يعرفُ سُـــــوريا "
ليسَتْ صفَّ كلامٍ فارغٍ ، ولا إحصائياتٍ لا تؤكِّدُ مصداقِيَتَها حتى وكالاتٌ عالميةٌ ، وليسَتْ مجموعةً من الجملِ التافهةِ
هي مجردُ كلماتٍ بسيطةٍ عن وطني ، عن بلدي الغالي الذي وأفتخرُ بأني ولدتُ وترعرعتُ وعشتُ مطلقَ حياتي فوقَ ثراهُ الطاهرِ
أريدُ أنْ أخبرَ منْ " لا يعرفُ ســــوريا " أنها جنةُ اللهِ
على الأرضِ ، فمِنْ جمالِ وروعةِ غاباتِ الغوطةِ الشرقيةِ إلى سواحلِ
وشواطئ اللاذقيةِ وطرطوسَ ، شرقاً باتجاهِ المركزِ الاقتصادي الكبيرِ
وموطنِ الزخرفةِ العمرانيةِ والأسواقِ والخاناتِ الحلبيةِ نحو أهلِ الكرمِ
والضيافةِ في ديرَ الزورِ والحسكةِ ، وبعدها مباشرةً نحو حمصَ وقلعتها
الكبيرةِ الضخمةِ وتدمرَ ذاتِ الرداءِ الاصفرِ الرائعِ بأعمِدَتِها
الشاهقةِ ، ثم إلى حماه ونواعِيرِهَا وذلكَ المنظرُ الأخضرُ الرائعُ في
تلالِ إدلبَ إلى درعا.. درعُ ســـوريا وحِصْنُهَا
ذلكَ ما تشتهرَ بهِ المدنُ السوريةُ بشكلٍ عامٍ.. قبلَ الثورةِ التي نهضَتْ في الخامسِ عشرَ من آذارَ سنةَ 2011 حيثُ تغيرَتْ بعضُ الكلماتِ وآنَ الأوانُ لأخبركُمُ الآنَ وأخبرَ منْ " لا يعرفُ ســــوريا " أنها أرضُ المجدِ والشجاعةِ والبطولاتِ العظيمةِ
ننهضُ من درعا وحمزة الخطيب الطفلُ البريءُ الذي قُتِلَ تحتَ التعذيبِ على أيدي ما يُسمى " العصاباتُ الإرهابيةُ " سانَدَتْهَا
ونادَتْ مع أصواتِها حمصَ العديةُ ومن بابا عمرو وتلبيسةَ والخالديةَ
وتلكَ الهجمةُ الغاشمةُ على كلِّ منْ صرخَ بالحريةِ فيها فحصلَتْ مجازرَ
تقشعرُّ لها الأبدانُ وتدمَعُ لها العيونُ.. فلمْ تسكُتْ لها إدلبَ ولمْ
يهدأ جسرُ الشغورُ الذي انتفضَ لأشقائِهِ ونادَتْ الرستنُ ومعرّةُ النعمانِ
مع صوتِهِ.. فكما هي العادةُ وكما هو المطلوبُ من الظالمينَ.. توجهوا
نحوَهُمُ وعاثوا فساداً في أراضيها الطاهرةِ وأحرقوا المساجدَ والمنازلَ
ولمْ تسلمْ منهُمُ حتى براءةُ الطفولةِ.. فطالتْهُمُ يدُ الحقدِ وقتلتهم...
بعدها أطلقت دمشقُ العنانَ وصاحَتْ لا للذلِّ.. الموتُ ولا المذلةُ..
لن
ننسى من دمشقَ وريفها العظيمِ الذي عانى الكثيرَ .. الزبداني والغوطة
والمزّة والميدان وركن الدين وكفرسوسة وبعدها المعضميّة والخرابُ الذي لا
يحصى فيها ومجزرةُ داريا وجديدة عرطوز الشنيعة التي أُقسمُ أنها أقسى من
الحجرِ (يخرجُ شابٌ من منزلهِ و للأسفِ مظهرهُ لا يعجبهم فبكلِّ برودةِ أعصابٍ يُقْتَل فقط لأنهُ سوريٌ حرٌّ) ..
وقَطنـــــا وأبطالُها الشجعانُ الذينُ انتفضوا منذُ بدايةِ الثورةِ
وكونُها مركزاً هاماً جداً وموقعاً استراتيجياً تحيطُ بهِ الثكناتُ
العسكريةِ من كلِّ جهةٍ لمْ يسكتْ لهمُ الأعداءُ بلْ واجهوهم وقتلوا
أطفالَهم وشبابَهم وأحرقوا المنازلَ والبساتينَ وقطعوا الأشجارَ وأغلقوا
المستشفياتِ ونشروا الحواجزَ في كلِّ زقاقٍ ولمْ يكتفوا بذلكَ بلْ ارتكبوا
مجزرةً راحَ ضحيتَها الكثيرُ ومازالوا يحاولونَ جاهدينَ للقضاءِ على
الشعلةِ التِّي انطلَقَتْ مِنْهَا ولكنَّهم لنْ يستطيعوا..
حماه تلكَ التي راحَ ضحيَتَها المئاتُ والمئاتُ منذَ عهدِ " الوالدِ "
الآنَ عادَتْ لتضحِّي مرةً أخرى وتقدِّمَ الغالي والنفيسَ في سبيلِ
الحريةِ... وأُخْتُها ديرَ الزورِ المحاصرةِ منذُ شهورٍ والتي تعاني
المرَّ في كلِّ يومٍ.. وبعدَها استفاقَت حلبُ من غيبوبَتِها الألفيةِ..
استفاقَت أخيراً وأظهرَتْ أعظمَ البطولاتِ والتضحياتِ من شبابها.. والآنَ
حالُها كما الحالُ في جميعِ المدنِ السوريةِ الجريحةِ تعاني القصفَ
بالدباباتِ وقذائفَ الطائراتِ المحلقةِ فوقَ أراضيها..
الكلامُ يُحكى وتحتَ كلِّ حجرٍ من ركامِ المنازلِ المهدمةِ في ســــوريا قصةٌ حزينةٌ لمْ يعاني أساها إلا أهلها..
كمْ هي عظيمةٌ كلمةُ " حرية " وكمْ همْ كُثُرٌ من استشهدوا في سبيلِ نَيْلِها.. وبإذنِ اللهِسننالُها قريباً..
تلكَ هيَ بضعُ كلماتٍ عن ســــوريا .. ورسالةٌ لكلِّ منْ " لمْ يكنْ يعرِفُها " ويعرفُ الحبَّ الذي بُنِيَ بينَ أبنائِها على مرِّ عقودٍ وقرونٍ منَ الزمنِ.. فعاصِمَتُها هيَ أقدمُ عاصمةٍ في التاريخِ
لمْ يقال من الكلامِ إلا القليلُ.. ولمْ يُحكى عنِ الجروحِ إلا ما بَسُطَ..
ولكنْ..!! هناكِ أشياءٌ أعجبتني في الثورةِ رغمَ دمويتها وصعوبةُ السيرِ على دربِهَا إلا أنَّها أظهرتْ إبداعاتٍ سوريةٍ كثيرةً..
- الأطباءُ والمسعفونَ والممرضونَ الذينَ لمْ يدخلوا كليةَ الطبِّ أو معهدِ التمريضِ حتى
- المنشدونَ والملحنونَ الذينَ غنُّوا أجملَ معاني الغناءِ العربي الجنودُ الأحرارُ الأقوياءُ الذينَ يقاتِلونَ ويضحونَ بأنفُسِهِمِ وبدمائِهِمِ ليلَ نهار وأعمارُهُمُ لمْ تتجاوزْ الثلاثينَ
- المتحدثونَ باسمِ التنسيقياتِ والمحلِلُونَ والمراسلونَ للقنواتِ الإخباريةِ
كلُّهُمُ أبطالٌ صنعوا للثورةِ معنى.. وكدسوا أوقاتَهُمُ لنَصْرِهَا
نهايةً أشكرُ " العصاباتِ الإرهابيةِ " جزيلَ الشكرِ على هذا الظلمِ والعذابِ الذي نذوقُهُ في هذهِ الأيامِ فما هو إلا طريقٌ نسلكهُ لنصلَ في نهايةِ المطافِ بإذنِ اللهِ إلى الجنةِ.. إلى الشهادةِ التي أحلمُ أن أنالَ شرفَهَا منذُ نعومةِ أظفاري وأسألُ اللَه أن يحققَ لي هذهِ الأمنيةِ
أجملُ وأحرّ القُبُلاتِ إلى ترابكِ يا ســـــوريا
ودعاءٌ كبيرٌ من القلبِ أن يفرِّجَ اللهُ كربكِ ويزيلَ هذهِ المحنةَ ونعودَ لنعمركِ كما كنتِ قويةً صامدةً حرةً أبيةً شريفةً لا تحمِلُ على أرضِها إلا الشرفاء..
لكلِّ من قرأَ هذا الكلامَ وتأثرَ بهِ لصعوبةِ الحالِ في ســوريا رجائِي عندَكُم فقطْ الدعاء.. لمْ نعدْ نريدُ السلاحَ ولا أيَّ شيءٍ منْ أيِّ أحدٍ.. لا شيءَ سوى الدعاء
الدعاءثـــــــــم الدعاءثـــــــــم الدعاء
والسلامُ عليكمُ ورحمةُ اللهِ تعالى وبركاتُهُ
وأفضلُ الصلاةُ والتسليمُ على رسولِ الأمةِ محمدٍ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ